في الصحافة De los priodicos






















حوار مع الشاعر المصري علي الدمشاوي

عدد مرات المشاهدة :343 - 06/ 2/ 2010

هيام الفرشيشي

حوار مع الشاعر المصري علي الدمشاوي
  

القصيدة الجميلة منتج نهائي سحري لا تحتاج فك شفرته ليسحرنا

بدأ الشاعر المصري علي الدمشاوي يشق طريقه في المشهد الشعري المصري، وقد صدر له ديوان "هاجس" في 2002 عن الهيئة العربية للكتاب، وديوان "آخر" عن دار الهدى للنشر والتوزيع بالقاهرة ، إضافة إلى دواوينه الالكترونية وهي " خرجت من شعري لك " و " آثاري و " آخر "، هو شاعر ينحو نحو تثبيت موقعه الشعري مع مجموعة من الشعراء الجدد ، فعرف بقصيدته التفاعلية، الني هي بمثابة " وضع حدود جديدة لمساحة متخيلة، ومحاولة تحويل هذه المساحة إلى إبداع مغاير"، وهي قصيدة متشعبة ومزهرة ومشرقة، تنمو صورها لتتفرع. يشغله هاجس التجريب لأن التجريب هو تجاوز مدرك، يحدد آفاق المغايرة في طريق بكر يشقه الشاعر. حول رؤية الشاعر علي الدمشاوي للشعر ومسالك الابداع وجمالية النص بعيدا عن هاجس التصنيف كان لنا معه هذا الحوار.

* يقترن الشعر بالإبداع، والإبداع هو التجاوز والمغايرة، ما هي رؤيتك للنص الشعري المغاير؟
- أجل الإبداع هو التجاوز والمغايرة وعن نفسي فقد اخترت طريقا لا أرى فيه الفواصل بين المساحات وانما أرى الجسور بينها. دعيني أوضح كل كتابة إبداعية هي أصيلة بطبيعتها و متفردة كون الذي كتبها لا يشبه غيره سنة الله في خلقه ، و لكن لجلب صيغة التميز إلى هذا الإبداع أو تلك هناك طريقان على الأقل لتحقيق ذلك : الأول هو وضع حدود جديدة لمساحة متخيلة ، ثم محاولة تحويل هذه المساحة إلى إبداع مغاير ، الأمر الذي ينطوي على مخاطرة أنك قد تتفاجئين بأنك كنت تعملين على لا شيء لأن الذي ابتكرته كان مبتكرا في مساحة أخرى ، و لكن لو كنت انشغلت بالتنقل بين ما أبدعه غيرك سواء المختلفين بالعرق أو بالجغرافيا أو بالتاريخ، واهتممت بانشاء جسور لفهمها واستيعابها، لكنت رأيت ساحة غناء فيها من كل شيء الشاهد أني أرحب بالإبداع المغاير المجدي .

* هل تخلق القصيدة الشعرية الحديثة قوانينها كما هو الشأن بالنسبة للقصيدة الرومنسية القائمة على الخلق الذاتي ؟ أم أن الهدم الجذري للقصيدة القديمة هو مجرد خطاب تهويمي ؟

- أنا أحاول النجاة من فخاخ التصنيف صديقتي . أنا أكتب و انا مدرك لكل التصنيفات التي سبقتني و لا أصنف نفسي . مثلا ما القصيدة الحديثة من الناحية التاريخية تجدين عند الدكتور لويس عوض مقدمة ديوانه بلو تو لاند الصادر سنة 1947 يسميها هو حطموا عمود الشعر سنة 1947 و حتى عنترة بن شداد سال إن كان قد غادر الشعراء من متردم . رغم هذه الفجوة التاريخية بين الرجلين كان النداء واحدًا : لنجدد و الحق أننا نفعل و أرى ان نتيح المجال للقصيدة أن تتحدث عن نفسها نقرأها بالتراتب الطبيعي نقرأها أولا ثم نتحدث عنها .
* أين تضع تجربتك الشعرية في المشهد الشعري المصري ، وما هي ملامح الجيل الذي تنتمي إليه ؟

- لبنة في صرح قولي من الأهرام يرجو أن يكون دعامة للبناء الأعرق إلى جوار الكاتب المصري و راوي سنوحي و ابو زيد الهلالي و طه حسين و أحتاج صفحات لأسرد سلالة تمر بمحمد فريد أبو سعدة و أحمد يماني و هدى حسين و ياسر عبد القوي و آخرين إلى جوار هؤلاء أحب أن أصير .
* كيف تصف لنا لحظة الخلق الشعري وولادة القصيدة ؟ وماهي التربة التي نمت فيها قصائدك ، بمعنى من هم الشعراء الذين قرأت لهم وتأثرت بهم في بداياتك ؟
- أقول أني أرى أن الحياة بواقعها بخيالاتها كما هي هي القصيدة الحق الأم الكبيرة ، و نحن الشعراء إنما ينقل كل منا شيئا من أخبار الحياة بطريقته ثم نزعم أننا خلقنا الشعر، و على هذا فإنما أعتبر القول بلحظة القبض على الكتابة و أستدعي قول الشاعر الكبير محمد فريد أبو سعدة أن الشعر يحتاج إلى الوقوع على تجربة استثنائية ، على ذكر الأساتذة أحب أن أشير أني قرأت كل ما تسنت قراءته ، الشعر العربي و غير العربي ، و أني وقعت في غرام تجارب تنتمي لاتجاهات مختلفة لنقل أن هذا كان درس أول عشر سنوات كتابة أني سأدخل جميع رياض الشعر الجاهلي و عصر صدر الاسلام و العباسي و اللأموي ثم مدرسة المهجر و الإحياء و البعث و كاتبوا قصيدة التفعيلة و قصيدة النثر و التابعين و الأسلاف إلى ما يكتب حتى اليوم ، و لا أجد انحيازا لفن على غيره. فأنا أحب صفا طويلا من شعراء هذه اللغة يبدأ بالمنخل اليشكري و لا ينتهي لليوم و ربما يمكن لمتابعي يلحظ هذا التعدد او لنقل التسامح بين روافد الكتابة عندي ، و بطبيعة الحال ليس بالإمكان تجاهل القمم الشاهقة التي يمر بها تاريخ شعرنا العربي و التي أراها مثلت الروافد الأهم في تجربتي من ذلك عمرو بن كلثوم و مروء القيس و المتنبي و نزار قباني و أمل دنقل وعلي محمود طه والنفري ولويس عوض ومحمد القيسي ومحمد علي شمس الدين ومحمود درويش وكثيرون آخرون ، وخارج حديقة الشعر أيضا في التاريخ والفلسفة وحتى الفن التشكيلي والمعمار أقول حسن فتحي وسلفادور دالي و نيتشه لهؤلاء وغيرهم فضل التغذية الثقافية وعن أكبر معلم لغوي أقول القرآن الكريم كان ولا زال من أهم الداعمين لكتابتي .

* هل قدر الشاعر أن يغلف حيرته وأسئلته بالصور الشعرية ؟ وهل تنتهي أسئلة الشاعر إثر كتابة القصيدة ؟
- ليس للشاعر قدر معلوم و مسألة الرهان على دور للقصيدة يستدعي في رأسي قصيدة لأدونيس: " اكتب قصيدة و امض زد سعة الأرض " .
لماذا نفترض أن على الشاعر أن يطرح أسئلة مثلا ، فندخل إلى إبداعه من زاوية واحدة فقط ، فإن لم ترض أسئلته رهاناتنا المسبقة تنكرنا لروائع أخرى في النص قد تكون تصديره لحكمته في لحظة بارانويا فنبة مذهلة .
أقول و أتوقع منكم أن تسمعوا لنصيحة ثعلب قصائد مثلي: ادخلوا للنص كاتبين و قارئين من باب الحياد ، فلا أنتم تفضلون شكلا للكتابة عن غيره و لا موضوعا و لا مذهبا، فالشعر غاية القول فيه أنه كلام حسنه حسن و قبيحه قبيح ، ثم بعد ذلك امنحوا حق تسمية ما قرأتم للتو فإن لم ترونه شعرا فلن يغضب هذا أحدا طالما أنه ما زال كلاما يحمل ما يحمل من قيمة فنية .

* ما هو تعريفك للقصيدة المتمردة ؟
- أقول متمردة ما معنى تمرد و هل هناك منه ما هو غير مقبول؟
أولا ما أنا إلا رجل في ساحة عكاظ بين الاف غيري نسمع أشعارنا للناس ، و أتمنى كالآلاف حولي أن يذكروني في طبقات الشعراء مثلا أشتهي مثلهم أن أتباين عنهم .
هنا يهتف داعي التمرد فآن أن أعرف علام اتمرد ، و إلا افتتحت سلسلة لا تنتهي من الهرطقات . لنأخذ مثلا التجريب على مستوى الشكل في القصيدة العربية أريد ان أطرح شكلا مجددا في الكتابة، فينبغي أن أعرف شيئا عن أشكال الكتابة السابقة و الآنية و مدرك لفلسفاتها . و أعرف تماما كيف يختلف طرحي الجديد ، بل و ماذا يقدم للكتابة و كذا فكل تجديد غير مدرك لا يعول عليه . و كذا تجديد لا طائل منه في صالح الكتابة يكون براقا و لا يفيد .
هذا منعكس طبعا فيما ترين من مستوى إخطاء المصطلح في نقاشات المتأدبين و المثقفين العرب في العموم للأسف حتى الإخطاء في قواعد اللغة في الحقيقة إن تأملا كهذا يثير رعبي إزاء رعونة التجديد المتوقع .
وهذا هو المنطق الذي بنيت عليه اختلافي سواء في قصيدتي التفاعلية أو حتى ديواني آخر .
* هل من إضاءة حول قصيدتك التشعبية ؟
- في مجموعة قصائدي التفاعلية - التسمية النافذة شرف لا أدعيه و إنما وجب التنويه أن الدكتورة عبير سلامة ميزت في أحد أبحاثها بين شكلين من لأدب الانفعالي و التفاعلي . و قد سميت تجربتي بالقصيدة التفاعلية في ضوء كتاباتها - و المنشورة على موقعي الشخصي ، فإنما وجدت في هذا الشكل من الكتابة منقذا من هاجس انفلات القصيدة و انقلاب سحرها على ساحره ، فأذكر أني كنت أكتب قصيدة ما و كلما كونت جملة أزهرت هذه الجملة قصيدة أخرى أين أكتبها يا رب ، و استعنت بلوحة رسم لعمل خريطة للقصيدة و صورتها ، واحتفظت بصورة لها ، كان هذا منتصف التسعينات ، و بعده بشهور تعرفت إلى تقنية الروابط فاستخدمتها ، و احتفظت بنسخة وحيدة الكترونية غير صالحة للنشر حتى تمكنت منذ شهور من نشرها على موقعي الخاص الشاهد من القصة لم يكن للشكل الجديد نية مسبقة، و لكنه تحقق لي بضرورة لوجود النص و تذكرت هنا حديث ابن عربي عن الخط الذي بين الظل و النور و الذي ينتمي لكليهما و لا ينتمي لأيهما في شرحه للبرزخ هذا كان حال نصي الناشيء و علاقته بالنص الأصلي علاقة ينتمي و لا ينتمي .
بالنسبة لديواني آخر فالأمر يختلف . قد كنت بصدد مشروع كتابة سيناريو لكل قصيدة أعرفها ، و ما زلت أعمل على مشروعي هذا حين كنت أكتب آخر الذي أراه بشقيه الفصحى و العامية المصرية ، محاولة تتجلى فيها مع القدرات السينمائية للكتابة الشعرية فيها و أنا بصدد انتاج مشترك يثري كلا من التجربتين قريبا على موقعي الشخصي . و هذا انفراد لك يا أخت هيام تصريح مبكر يعني ، طرح الكتروني جديد من علي الدمشاوي على موقعه قريبا.

* هل تميل إلى الصور الشعرية الغامضة أم الصور الواضحة ؟ أم أن القصيدة هي التي تفرض درجة الغموض والوضوح ؟
- أحببت سؤالك الاستدراكي جدا فأنا ممن يتلعثمون إزاء الأسئلة ذات الاختيارين فقط حيث لا أرى فكرة أنه لو مش حسن يبقى حسين ، أعني يجوز له أن يكون أي شخص أو حتى شيء آخر، فمسألة الغموض بالذات تندرج كلا تحت تصنيف النسبية . فقد يكون غامضا بالنسبة لي ، و ليس كذلك بالنسبة لك لاختلاف خلفياتنا و انينا أيضا القصيدة الجميلة منتج نهائي سحري لا تحتاج فك شفرته ليسحرنا ، أعني دعينا نحب أو لا نحب ما يقرأ علينا ربما يفيد هذا ذائقتينا .
أقصد أن الإشكالية النقدية الحالية هي أزلية. فنحن نفصل بين المبدع و الناقد و المتلقي في عصر لم تعد فيه فواصل حقيقية موجودة ، و إنما جسور بين مساحات أعني أنني أسعى للمقاربة في عمومها بين أشكال الكتابة و تقنيات المتاحة لنقل أنني أستخدم أدواتي .
* هل كان لهذه الرؤية لنقل الانفتاحية أو التواصلية تأثير عند محاولاتك نشر أعمالك بلغات أخرى؟
- أجل بطبيعة الحال أنا يعنيني الإنسان أينما كان أشعر أنه ينبغي أن أوصل رسالتي لأبعد نقطة ممكنة حتى أني أتمنى أن أكتب بكل لغة أجيدها، لكني لا زلت أفكر و أحس بالعربية ، وعلى أي حال فإنني فعلا بصدد ترجمة بعض قصائدي إلى لغات أجنبية قريبا كما سأخصص بوابات بلغات غير العربية على موقعي الشخصي يهمني أن أوسع دائرة اتصالي بالأرض التي أنتمي إليها .    
  
خاص "أدب فن"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب الصفح El Libro Del Perdón

بين (عاش الهلال مع الصليب) و (الشعب يريد إسقاط الرئيس) الراية القطرية 19-05-2011

المخرج